الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قوله ولا يسقط وجوب إزالتها بعذر ما) قدمنا أول كتاب الطهارة ما تعقب به في النهر ذلك الوجه من قولهم فيمن قطعت يداه إلى المرفقين ورجلاه إلى الكعبين وكان بوجهه جراحة أنه يصلي بلا وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه في الأصح كما في الظهيرية فإذا اتصف بهذا الوصف بعدما دخل الوقت سقطت عنه الطهارة بهذا العذر. (قوله: إلا أنه لما قدم إلخ) قال في النهر لا حاجة إليه لما مر من أنه بالفتح عند الفقهاء اسم لعين النجاسة وبكسرها لما لا يكون طاهرا فإطلاقه على الحكمي أيضا ليس إلا لغة (قوله وإزالتها عن البدن والثوب إلخ) راجع القرماني عند قوله، وإنما قلنا بأن الطهارة من النجاسة شرط إلخ يظهر لك الدليل على الفرضية. (قوله: وفي الظهيرية إلخ) مسألة مستأنفة ليست مما قبلها؛ لأن ما في الظهيرية مفروض فيما إذا رأى في ثوبه نجاسة ولا يدري متى أصابته والكلام قبله فيما إذا علم وقت الإصابة ونسي الموضع وهذا ظاهر ولكن نبهنا عليه؛ لأنه أخطأ فيه في النهر وتبعه الشيخ علاء الدين الحصكفي فجعلاهما مسألة واحدة فتنبه (قوله ولو وجب عليه الاستنجاء يتركه) لينظر فيما لو أمكنه ذلك بأن ينزل بثوبه في نهر هل يلزمه أم لا، ثم رأيت في شرح ابن الشحنة على الوهبانية قال ما نصه المرأة إذا وجب عليها الغسل ولا تجد سترة وهناك رجال تؤخر الغسل قلت: ولعل محمل هذا إذا لم يمكنها الاغتسال في القميص الذي عليها اللهم إلا أن يقال في إلزامها الاغتسال في القميص ونحوه حرج وإنه مرفوع شرعا فيلحق بالعجز فقد خرج محمد فيما أطلقه من الجواب في الجامع في مسألة البناء للمرأة بأنها لا يمكنها غسل الذراعين من غير الكشف إلا بالغسل مع الكمين وفي ذلك حرج عليها والحرج في الأحكام يلحق بالعجز ولو عجزت عن البناء إلا بعد كشف العورة جاز لها البناء فكذا إذا خرجت فعلى هذا لو ضاق وقت الصلاة بحيث تفوتها الصلاة فينبغي أن يجوز لها الاغتسال وما روي عن أبي يوسف في غير الأصول من أنها إذا أمكنها غسل الذراعين ومسح الرأس مع الكمين والخمار فكشفتهما لا تبني؛ لأنها كشفت عورتها من غير حاجة كالرجل إذا كشف عورته من غير حاجة حال البناء وإن لم يمكنها إلا بالكشف كالرجل إذا كشف عورته لحاجة بأن جاوزت النجاسة موضع المخرج أكثر من قدر الدرهم بأن كان له جبة وخمار ثخينين يصل الماء إلى ما تحتهما جاز البناء لها؛ لأنها كشفت للحاجة كالرجل إذا كشف عورته للحاجة بأن جاوزت النجاسة موضع المخرج أكثر من قدر الدرهم حتى وجب عليه غسل ذلك الموضع ويجوز له البناء ذكره في الذخيرة وقضية ذلك كله أن لا تؤخر كما قدمناه. ا هـ. (قوله: والفرق أن النجاسة الحكمية إلخ) لا يخفى عليك أن النجاسة الحكمية لا تتجزأ على ما هو الصحيح كما مر وإذا كان كذلك فلا توصف بالحكمية بخلاف الحقيقية والحكم على الشيء فرع عن تصوره بل الظاهر في الفرق بينهما يعلم مما ذكره الأصوليون من الترجيح بين المتعارضين وبيانه هنا أنه تعارض دليلا الأمر والنهي ظاهرا ولا يقدم النهي هنا كما فعل في إزالة النجاسة وستر العورة؛ لأن تقديم النهي على الأمر إنما هو بعد تساوي الأمر والنهي في قوة الثبوت وهما هنا ليسا كذلك فإن الأمر بالتطهير من الجنابة أقوى ثبوتا من النهي عن كشف العورة ولما تساويا في المرأة لثبوتهما بقطعي الثبوت والدلالة رجح النهي. (قوله: وإن كانت لا تجد سترة من النساء إلخ) قال في شرح الوهبانية لمصنفها بقي ما لو كان الرجل بين النساء لم أقف فيه على نقل وقياسه أن يؤخر كالمرأة بين الرجال؛ لأنه يغتفر في الجنس مع جنسه ما لا يغتفر فيه مع غيره ولا يقبح قبحه وأقره ابن الشحنة والشرنبلالي وأيده ابن الشحنة بما في المبسوط إن نظر الجنس إلى الجنس مباح في الضرورة لا في حال الاختيار وفي موضع آخر قال إن نظر الجنس إلى الجنس أخف من نظر غير الجنس قال وبذلك يعلم الحكم فيما ذكر أنه لم يقف فيه على نقل وفي فتاوى قاضي خان ويحل للرجل أن ينظر من الرجل سوى ما تحت السرة إلى أن يجاوز الركبة وتنظر المرأة إلى الرجل كنظر الرجل إلى الرجل فعلى قول المبسوط يتأتى ما ذكره المصنف من الاغتفار ويباح لمكان الضرورة الاغتسال بين الجنس وعلى ما ذكره قاضي خان وهو التسوية بين نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى الرجل لا يختلف الحكم بين كون الرجل بين الرجال خاصة أو بين الرجال والنساء أو النساء فقط وعلى ما ذكره من الاغتفار قياسا التأخير فيما لو كان الرجل بين رجال ونساء وأما المرأة فلا يباح للرجل أن ينظر إلى غير الوجه والكفين والقدم إذا كانت أجنبية، وقد جوزوا لها كشف الذراعين للبناء مطلقا غير مقيد بعدم الرجال. ا هـ. قال بعض الفضلاء واعلم أنه ينبغي أن لا تكشف الخنثى للاستنجاء ولا للغسل عند أحد أصلا؛ لأنها إن كشفت عند ذكر احتمل أنها أنثى وإن عند أنثى احتمل أنها ذكر فصار الحاصل أن مريد الاغتسال إما ذكر أو أنثى أو خنثى وعلى كل فأما بين رجال أو نساء أو خناثى أو رجال ونساء أو رجال وخناثى أو نساء وخناثى أو رجال ونساء وخناثى فهو أحد وعشرون يغتسل في صورتين منها وهما رجل بين رجال وامرأة بين نساء ويؤخر في تسع عشرة صورة. (قول المصنف يطهر البدن) قال في النهر عبارة النقاية يطهر الشيء أولى لشمولها الثوب والمكان والآنية والمأكولات وكل شيء تنجس. ا هـ. وفيه أنها تشمل الأشياء النجسة لعينها فالأولى عبارة الدرر يطهر المتنجس (قوله وهذا عند أبي حنيفة إلخ) أي ما في المتن (قوله أن التطهير بالبول لا يكون) أي التطهير عن التغليظ وعبارة الصيرفي المختار أن حكم التغليظ لا يزول فقوله ولم يقيده بالطاهر إلخ لا يكاد يصح إذ لا قائل بالطهارة ولا نسلم أنه لم يقيده به بل أشار إلى ذلك بقوله يطهر إذ تطهيره لغيره فرع طهارته في نفسه ويدل على ذلك أنه لم يقيد الماء به ولا بد منه إجماعا، كذا في النهر (قوله أو كان الماء فيها) أي الإجانة (قوله: أو ثلاثا في إجانة بمياه طاهرة) لم يذكر حكم الإجانة هل يجب غسلها أم لا وفي القنية برمز شهاب الأئمة الإمامي غسل الثوب النجس في الطست فإنه يغسل الطست ثلاثا في كل مرة بعد عصر الثوب وفيها برمز صلاة البقالي يغسل الطست في الأولى ثلاثا وفي الثانية مرتين وفي الثالثة مرة وفيها برمز مجد الترجماني قال عبد الرحيم الختني ظاهر ما أشار إليه في الجامع أنه لا يحتاج إلى غسل الإجانة كالرشاء والدلو في نزح البئر. ا هـ. وذكر فيها حكم غسل ثوبين في إجانة حيث رمز لنجم الأئمة الحكيمي خرق كثيرة جمعت وغسلت وعصرت كل مرة طهرت وكذا لو كانت في خريطة فغسلت وعصرت وعن العلاء التاجري لا تطهر قال وهو منصوص، قال شيخ الإسلام علاء الدين الحناطي عن أبي إسحاق الحافظ أنه لا تطهر وذلك في الثوبين في الإجانة، فأما في الغسل بصب الماء عليه تطهر بلا خلاف ولو خيطت الخرق بعضها ببعض وغسلت تطهر كلها، ثم رمز بالرمز الأول غسلت ثوبين نجسين ثلاث مرات وعصرتهما جملة في كل مرة يطهران إلا إذا غسلتهما في الإجانة فلا إلا إذا كانا صغيرين يغسلان كذلك عادة، ثم رمز برمز محتمل لا يطهران في الطست مطلقا، ثم رمز برمز كمال البياخي يطهران مطلقا. (قوله وأطلق الجرم إلخ) قال في النهر أنت خبير بأن قوله ذي جرم وقع صفة نجس فاقتضى قوله وإلا يغسل أنه إذا لم يكن كذلك كالبول ونحوه غسل ومن تأمل كلام الشارح لم يتردد في ذلك. ا هـ. وهو كما قال فإن الشارح بعد حل المتن قال وقيل إذا مشى على الرمل أو التراب فالتصق بالخف أو جعل عليه ترابا أو رمادا أو رملا فمسحه يطهر وهو الصحيح إلخ (قوله على أن المطلق) وهو الأذى والقذر في الحديث السابق. (قوله: وإنما قيده أبو يوسف به) أي بغير الرقيق يعني بذي الجرم قال في المعراج والرقيق كالخمر والبول. ا هـ. والحاصل أنهم اتفقوا على التقييد بالجرم وانفرد أبو حنيفة ومحمد بزيادة الجفاف (قوله وتعقبه إلخ) هذا وارد على القولين. (قوله: بثلاث خرقات) لم يقيده في القنية بالثلاث فقال رامز النجم الأئمة الحكيمي مسح الحجام موضع الحجامة مرة واحدة وصلى المحجوم أياما لا يجب عليه إعادة ما صلى إن أزال الدم بالمرة الواحدة ا هـ. (قوله معطوف على قوله بالماء) ليس بظاهر (قوله فإن المني يطهر بالفرك إلخ) قال في النهر ممنوع إذ الأصل أن لا يجعل النجس تبعا لغيره إلا بدليل، وقد قام في المذي دون البول. ا هـ. إذ لا ضرورة في البول فلا دليل فيه قال العلامة الشيخ إسماعيل النابلسي وهو وجيه كما لا يخفى وكذا قال في الشرنبلالية ولا يخفى ما فيه على جعل علة العفو الضرورة كما بينه الكمال ولا ضرورة في البول (قوله ولم أره لغيره) قال في النهر الظاهر تخريجه على ما لو أصاب ثوبا له بطانة فنفذ إليها. (قوله: وأشار إلى أن العلقة والمضغة نجستان إلخ) انظر هذا مع قوله الآتي ونظيره في الشرع النطفة نجسة، ثم تصير علقة وهي نجسة وتصير مضغة فتطهر. (قوله: والخشب الخراطي) بفتح الخاء المعجمة والراء المشددة بعدها ألف وكسر الطاء المهملة آخره ياء مشددة نسبة إلى الخراط وهو خشب يخرطه الخراط فيصير صقيلا كالمرآة. (قوله: والبوريا) الحصير المنسوج قاموس. (قوله: فإن المصنف في الكافي قال بعده إلخ) قال في الكفاية ويمكن أن يجاب عنه بأن المراد بالعموم الإطلاق وأنه يثبت الحكم في جميع الأفراد أيضا وكذا المراد بالتخصيص التقييد يعني ما لا يمكن الاحتراز عنه عند الشافعي وأكثر من قدر الدرهم عندنا فيكون مؤولا فيعارضه خبر الواحد والجواب أن الطهارة شرط بالإجماع وقوله وعلى الثاني حمله أبو يوسف والشافعي قلنا نعم لكن مع اشتراطهما الطهارة فيه فيكون قطعيا فلا يعارضه خبر الواحد. ا هـ. (قوله: والحصى بمنزلة الأرض) قال في التتارخانية يريد به إذا كان الحصى في الأرض فأما إذا كان على وجه الأرض لا يطهر. ا هـ. وفي منية المصلي الحصى إذا تنجست وجفت وذهب أثرها لا يطهر أيضا إلا إذا كان متداخلا في الأرض. ا هـ. (قوله: ثم تركها حتى نشفت طهرت) قال في الذخيرة بعد ذلك وعن الحسن بن أبي مطيع قال لو أن أرضا أصابها نجاسة فصب عليها الماء فجرى عليها إلى أن أخذت قدر ذراع من الأرض طهرت الأرض والماء طاهر ويكون ذلك بمنزلة الماء الجاري وفي المنتقى أرض أصابها بول أو عذرة، ثم أصابها المطر غالبا، وقد جرى ماؤه عليها فذلك مطهر لها وإن كان المطر قليلا لم يجر ماؤه عليها لم تطهر. ا هـ. (قوله إلا في المني) أي وإلا في المحاجم ومحل الفصادة فإن المسح فيها كالغسل كما مر (قوله: ونظيره في الشرع النطفة إلخ) مخالف لما مر في مسألة فرك المني فتأمل، ثم رأيت بعض الفضلاء ذكر ما نصه فيه نظر لما قدمنا من أن المسعودي أشار إلى أن العلقة والمضغة نجستان كالمني، وقد صرح بذلك في النهاية والتبيين، وقد تقدم ذلك عن البحر والعجب من صاحب البحر فإنه جزم هناك بأن المضغة نجسة ونقل هنا عن الفتح أنها طاهرة وأقره وتبعه صاحب المنح في الموضعين ولم يتعقبه ولا يخفى ما في ذلك من التناقض والظاهر أنها نجسة لتصريح النهاية والتبيين بذلك ولما تقدم في النفاس عن الخلاصة أن السقط إذا لم يستبن شيء من خلقه لا عبرة له أصلا وهو كالدم. ا هـ. فإن المتبادر من غير المستبين الخلق أن يكون مضغة غير مخلقة، وقد ذكر أن حكمها كالدم يعني أنها لم تخرج عن حقيقة الدم كالنطفة والعلقة وهما نجستان فتكون المضغة نجسة فليتأمل، ثم ظهر لي أنه يمكن دفع التناقض بأن يحمل القول بالنجاسة على المضغة الغير المخلقة أي التي لم تنفخ فيها الروح والقول بالطهارة على المضغة المخلقة أي التي نفخ فيها الروح لما نقلناه في النفاس عن أهل التفسير من أنهم قالوا في قوله تعالى: {ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة} أن التخليق بنفخ الروح فالمخلقة ما نفخ فيها الروح وغير المخلقة ما لم ينفخ فيها الروح وعلى هذا ينبغي أن يعد نفخ الروح من المطهرات كما لا يخفى. والله تعالى أعلم ا هـ. (قوله: لا يمنع) قال في القهستاني وبه يفتى لكن في المنية وشرحها وبه أي بالقول الثاني يؤخذ (قوله: ومراده إلخ) أي المصنف (قوله والظاهر أن الكراهة تحريمية إلخ) أقول: إن كان مراده الكراهة في قدر الدرهم فهو مسلم ولكن لا لما ذكره من التعليل بل لإطلاقه لها كما هو الأغلب حيث تنصرف إلى التحريمية وإن كان مراده الكراهة مطلقا أي وإن كانت أقل فممنوع بالنظر إلى الثاني بل الكراهة فيه تنزيهية لقوله فالأفضل إزالتها؛ لأنه يقتضي أن عدم الإزالة فضيل ولا فضيلة في المكروه تحريما ولذا قال في النهر هذا مسلم في الدرهم لا فيما دونه فعبارة السراج حينئذ كعبارة الخلاصة وفي شرح المنية إذا كانت أقل من قدر الدرهم يستحب غسلها وإن كانت قدر الدرهم يجب وإن زاد يفرض. ا هـ. وذكر بعض الفضلاء عن ابن أمير حاج وفي الخانية وغيرها إذا شرع في الصلاة فرأى في ثوبه نجاسة أقل من قدر الدرهم إن كان مقتديا وعلم أنه لو قطع الصلاة وغسل النجاسة يدرك إمامه في الصلاة أو يدرك جماعة أخرى في موضع آخر فإنه يقطع الصلاة ويغسل الثوب؛ لأنه قطع للإكمال وإن كان في آخر الوقت أو لا يدرك جماعة أخرى فلا. ا هـ. وغير خاف أن هذا القطع على سبيل الاستحباب لا على سبيل الإيجاب. ا هـ. وبه يظهر ما في قوله ولا ترفض لأجل المكروه تنزيها فتدبر (قوله والمصنف في كافيه) كذا في بعض النسخ وفي بعضها موجودة عقب قوله وصححه الشارح الزيلعي. (قوله: والمراد بعرض الكف إلخ) قال منلا مسكين وطريق معرفته أن تغرف الماء باليد ثم تبسط فما بقي فهو مقدار الكف. (قوله: لثبوت الخلاف إلخ) أي بين العلماء (قوله ودم البق والبراغيث) وعن الحسن البصري أن رجلا سأله عن دم البق فقال له من أين أنت قال من الشام فقال انظروا إلى قلة حياء هذا الرجل فإنه من قوم أراقوا دم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءني يسألني عن دم البق فعد الحسن هذا السؤال من التعمق وكره له التكلف لما فيه من حرج الناس والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «بعثت بالحنيفية السهلة ولم أبعث بالرهبانية الصعبة» ا هـ. ما في النهاية فرائد. (قوله: وأما دم الشهيد فهو طاهر إلخ) قال ابن أمير حاج؛ لأن دم الشهيد ما دام عليه محكوم بطهارته لضرورة جواز الصلاة عليه مع قيام الدم بخلاف ما لو انفصل الدم عنه فإنه يكون نجسا حتى لو أصاب ثوب إنسان أكبر من قدر الدرهم لم تجز صلاته لانعدام الضرورة حينئذ فلم يسقط اعتبار نجاسته ذكره رضي الدين في المحيط، ثم قال في أثناء المسألة التي بعدها قال العبد الضعيف غفر الله تعالى له واعلم أن النظر إلى ما قدمناه عن المحيط من التعليل لجواز صلاة حامل الشهيد المتلطخ بدمائه الزائد على قدر الدرهم يفيد جواز صلاة حامل المسلم الميت المغسول الذي ليس بشهيد، وقد أصابته نجاسة غليظة تزيد على قدر الدرهم؛ لأن الظاهر أن النجاسة المذكورة به لا تمنع جواز الصلاة عليه وحينئذ فوضع المسألة في الشهيد اتفاقي وظاهر ما في الخلاصة من مسألة الرضيع المذكورة يفيد عام جواز صلاة حامل المسلم المذكور وهو أوجه وحينئذ فوضعه في الشهيد غير اتفاقي ويحتاج إلى تعليل غير المذكور لها إلى آخر ما قال الحلية فراجعه (قوله: وفي الظهيرية وبول الخفافيش ليس بنجس للضرورة إلخ) قال الشيخ علاء الدين الحصكفي وعليه الفتوى وعزاه إلى التتارخانية (قوله: فإن كان صلبا إلخ) قال ابن أمير حاج زاد في مختارات النوازل وإن كان متفتتا ما لم يتغير طعمه يؤكل أيضا ا هـ. (قوله: جلده الآدمي إذا وقعت في الماء القليل إلخ) قال ابن أمير حاج وإن كان دونه لا يفسده صرح به غير واحد من أعيان المشايخ ومنهم من عبر بأنه إن كان كثيرا أفسده وإن كان قليلا لا يفسده وأفاد أن الكثير ما كان مقدار الظفر وأن القليل ما دونه، ثم في محيط الشيخ رضي الدين تعليلا لفساد الماء بالكثير؛ لأن هذا من جملة لحم الآدمي، وقد بان من الحي فيكون نجسا إلا أن في القليل تعذر الاحتراز عنه فلم يفسد الماء لأجل الضرورة وفيه قبل هذا قال محمد عصب الميتة وجلدها إذا يبس فوقع في الماء لا يفسده؛ لأن باليبس زالت عنه الرطوبة النجسة. ا هـ. ومشى عليه في الملتقط من غير عزو إلى أحد فعلى هذا ينبغي تقييد جلد الآدمي الكثير في هذه المسألة بكونه رطبا، ثم لا يخفى أن فساد الماء به بعد ذلك مقيد بكونه قليلا. ا هـ. من كلام ابن أمير حاج (قوله: وسن الكلب والثعلب طاهرة) قال الخير الرملي تأمله مع قولهم ما أبين من الحي ولو سنا فإن مقتضاه نجاسة سن الكلب والثعلب هذا وفي القول بطهارته ونجاسة سن الآدمي بعد وأقول: في نجاسة السن إشكال هو أنه لا يخلو إما أن يكون عظما أو عصبا وكلاهما طاهر، أما العظم بلا خلاف عندنا، وأما العصب فعلى المشهور من المذهب وحكى في فتح القدير عدم الخلاف فيه وإن نظر فيه صاحب البحر والذي ينبغي أن يتحدا حكما فتأمل ذلك. ا هـ. أقول: إشكاله غير وارد وما بحثه بقوله والذي إلخ موافق للمنقول عن ظاهر الرواية والتفرقة بينهما على غير ظاهر الرواية قال العلامة الحلبي في شرحه الكبير، وأما الآدمي، فإن كان سن نفسه تجوز الصلاة معه وإن زاد على قدر الدرهم عند أبي يوسف وقال محمد لا تجوز إذا زاد على قدر الدرهم، وإن كان سن غيره وزاد على قدر الدرهم لا تجوز بالاتفاق لكن هذا كله على القول بنجاسة السن على تقدير أنه طرف عصب وفي نجاسة العصب روايتان قاله في الكفاية قال فيها وعلى ظاهر المذهب وهو الصحيح لا خلاف في السن بين علمائنا أنه طاهر والخلاف بين أبي يوسف ومحمد على الرواية التي جاءت أن عظم الأسنان نجس. ا هـ. ومثله في الكافي. ا هـ. فقط اندفع الإشكال بأنه مبني على إحدى الروايتين في العصب. (قوله: والمختار أنه يتنجس) سيأتي عن مآل الفتاوى أن الفتوى على خلافه (قوله وليس بنجس استحسانا) قال العلامة الحلبي والظاهر أن وجه الاستحسان فيه الضرورة لتعذر التحرز أو تعسره إذ لا نص ولا إجماع في ذلك ووجوه الاستحسان منحصرة في هذه الثلاثة وعلى هذا فلو استقطرت النجاسة فمائيتها نجسة بخلاف سائر أجزائها لانتفاء الضرورة فبقي القياس فيها بلا معارض وبه يعلم أن الذي يستقطر من دردي الخمر المسمى بالعرقي في ولاية الروم نجس حرام كسائر أصناف الخمر. ا هـ. (قوله وكذا لو لف الثوب) النجس إلى قوله لا يصير نجسا قال في المنية الأصح أنه لا يصير نجسا قال في شرحها، كذا في الخلاصة وكثير ذكره من غير إشارة إلى خلاف وكأن وجهه القياس على ما يبقى من الرطوبة بعد العصر في المرة الثالثة بحيث لا يتقاطر بعد لو عصر لكن يرد أن قياسها على النداوة الباقية بعد العصر في المرة الأولى أولى لوجود النجاسة بكمالها في الثوب الذي سرت منه الرطوبة كما في الذي عصر أول مرة ويجاب بأن النجاسة إذا كانت ثابتة فزالت بالغسل والعصر شيئا فشيئا إلى حد النهاية فهي الرطوبة الباقية بعد عصر الثالثة يعفى عنها حينئذ وإذا لم تكن ثابتة فابتدأت بالثوب كما في مسألتنا فما دامت البداية مثل تلك النهاية في عدم التقاطر بالعصر يعفى عنها كما عفي هناك بخلاف ما بعد عصر الأولى والثانية فإنه ليس بنهاية فالحاصل قياس ابتداء النجاسة فيما هو طاهر على انتهائها فيما كان نجسا فليتأمل وإذا فهم هذا يجب أن يعلم أن وضع المسألة إنما هو في الثوب المبلول بالماء بخلاف المبلول بعين النجاسة كالبول ونحوه لأن النداوة حينئذ عين النجاسة وإن لم يقطر بالعصر كما لو عصر الثوب المبلول بالبول ونحوه حتى انقطع التقاطر منه فإنه لا يطهر وكما بعد العصر في المرة الأولى والثانية وكذا ينبغي أن تقيد المسألة أيضا بما إذا لم يظهر في الثوب الطاهر أثر النجاسة من لون أو ريح حتى لو كان المبلول متلونا بلون أو متكيفا بريح فظهر ذلك في الطاهر يجب أن يكون نجسا كما لو غسل ذلك النجس ولم يزل أثره ولم يبلغ حد المشقة حيث لا يحكم بطهارته فكذا هذا إلحاقا للبداية بالنهاية على ما مر هذا وقال الشيخ كمال الدين بن الهمام لا يخفى أنه قد يحصل ببل الثوب وعصره نبع رءوس صغار ليس لها قوة السيلان ليصل بعضها ببعض فتقطر بل تقر في مواضع نبعها، ثم ترجع إذا حل الثوب ويبعد في مثله الحكم بطهارة الثوب مع وجود حقيقة المخالط فالأولى إناطة عدم النجاسة بعدم نبع شيء عند العصر ليكون مجرد نداوة لا بعدم التقاطر. ا هـ. وقد نقل هذا الفرع المصنف في مسائل شتى آخر الكتاب وفي الوقاية والنقاية والدرر ومتن الملتقى ومتن التنوير والسراج الوهاج والبزازية وكلهم أطلقوه عن ذكر الخلاف. (قوله: فهو مخالف لتصحيح قاضي خان) أقول: قد مشى في المنية على ما ذكره قاضي خان وقال شارحها وهو اختيار الفقيه أبي الليث وكذا روي عن أبي يوسف ذكره في الخلاصة وقيل العبرة للماء إن كان نجسا فالطين نجس وإلا فطاهر وقيل العبرة للتراب وقيل للغالب قال ابن الهمام والأكثر على أنه أيهما كان طاهرا فالطين طاهر. ا هـ. وهو اختيار أبي نصر محمد بن سلام قال البزازي وهو قول محمد، وقد ذكر أن الفتوى عليه. ا هـ. ووجهه في الخلاصة بصيرورته شيئا آخر وهو توجيه ضعيف إذ يقتضي أن جميع الأطعمة إذا كان ماؤها نجسا أو دهنها أو نحو ذلك أن يكون الطعام طاهرا لصيرورته شيئا آخر، وعلى هذا سائر المركبات إذا كان بعض مفرداتها نجسا ولا يخفى فساده فلله در الفقيه أبي الليث ودر قاضي خان حيث جعل قوله هو الصحيح مشيرا إلى أن سائر الأقوال لا صحة لها بل هي فاسدة؛ لأن النتيجة تابعة لأخس المقدمتين. ا هـ. (قوله وفيما عدا الأخيرة) أي من المسائل الأربع التي في المجتبى. (قوله: ومثانة الغنم حكمه حكم بوله) قال الخير الرملي هذا لا يناسب قوله بعد ذلك لا تجوز الصلاة معه إذا زاد على قدر الدرهم إذ بول الغنم نجاسته مخففة والمثانة على قوله هذا مغلظة فلم يكن حكمه حكمها ولو فعل كما فعل أخوه في نهره حيث قال: واعلم أن الظاهر من إطلاقهم نجاسة شيء التغليظ كالأسآر النجسة وثوب الحية الذي لم يدبغ والدودة الساقطة من السبيلين على القول بأنها ناقضة وما أبين من الحي ولو سنا ومثانة الغنم ومرارته لكان أولى. (قوله: والدخريص) قال الشيخ إسماعيل النابلسي رحمه الله هو بكسر الدال المهملة وسكون الخاء المعجمة بالصاد المهملة قيل هو معرب وقيل عربي وهو عند العرب البنيقة والدخرص والدخروصة لغة والجمع دخارص كما في المصباح. ا هـ. (قوله: لكن ترجح الأول إلخ) قال في النهر وكلام المصنف يعطي اعتبار ربع جميع الثوب قال في المبسوط وهو الأصح، ثم قال وما في الكتاب أولى لما مر ولا شك أن ربع المصاب ليس كثيرا فضلا عن أن يكون فاحشا ولضعف وجه هذا القول لم يعرج عليه في فتح القدير (قوله وفي فتح القدير ما يقتضي التوفيق إلخ) قال في النهر أقول: فيه نظر بل إنما فيه تقييد حسن لمحل الخلاف وذلك أن اعتبار ربع الجميع محله ما إذا كان لابسا له، أما إذا لم يكن عليه إلا ثوب تجوز به الصلاة اعتبر ربعه اتفاقا ومقتضى القول الثاني أنه لو كان عليه ثوب كامل فتنجس منه أقل من الربع إلا أنه لو اعتبر بأدنى ثوب تجوز فيه الصلاة بلغ سنه ربعا منع. ا هـ. أقول: وهو المتبادر في بادي النظر من عبارة الفتح حيث ذكر ذلك على صورة التقييد والاستدراك على الإطلاق وعبارته هكذا ويظهر أن الأول يعني اعتبار الربع أحسن لاعتبار الربع كثيرا كالكل في مسألة الثوب تنجس إلا ربعه وانكشاف ربع العضو من العورة بخلاف ما دونه فيهما غير أن ذلك الثوب الذي هو عليه إن كان شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه؛ لأنه الكثير بالنسبة إلى الثوب المصاب. ا هـ. وحاصل كلام النهر أن مراد المحقق التنبيه على أن محل الخلاف هو ما إذا كان لابسا للشامل لا للأدنى بل هو محل وفاق ولا يخفى بعده بعد التأمل في كلام المحقق والظاهر ما قاله في البحر، وقد سبقه إليه العلامة الحلبي فقال ووفق الشيخ كمال الدين بن الهمام بين هذا وبين القول الأول بأن الثواب إن كان شاملا للبدن اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه؛ لأنه الكثير بالنسبة إلى الثوب المصاب أي لأن ربع الثوب الشامل كثير بالنسبة إليه وربع أدنى ما تجوز فيه الصلاة كثير بالنسبة إليه وإن كان قليلا بالنسبة إلى الشامل وهذا هو المختار ا هـ (قوله وهو أحسن مما أجاب به في النهاية) إلا أنه قال في النهر وفيه نظر لا يخفى. ا هـ. وعبارة النهاية سؤالا وجوابا هكذا، فإن قيل التعارض إنما يتحقق إذا جهل التاريخ، وقد قيل: إن في حديث العرنيين دلالة التقدم؛ لأن فيه المثلة وهي منسوخة فيدل على نسخ الباقي، قلت: الدلالة دون العبارة وفي عبارته تعارض فرجح جانب العبارة فيتحقق التعارض أو نقول انتساخ المثلة لا يدل على انتساخ طهارة بول ما يؤكل لحمه؛ لأنهما حكمان مختلفان فلا يلزم من انتساخ أحدهما انتساخ الآخر كما في صوم عاشوراء وتكرار صلاة الجنازة على حمزة رضي الله تعالى عنه على قول الشافعي رحمه الله يعرف بالتأمل. ا هـ. ورد في العناية كلا من الوجهين فرد الأول بقوله هو فاسد؛ لأن اشتمال القصة على المثلة يدل على أن العبارة منسوخة فلا تعارض والثاني بقوله هو أيضا فاسد؛ لأن حديث العرنيين الدال على طهارة بول ما يؤكل لحمه إما أن يكون منسوخا أو لا، فإن كان الأول انتفى التعارض وإن كان الثاني لم يثبت نجاسة بول ما يؤكل لحمه بقوله صلى الله عليه وسلم: «استنزهوا» عنده والأمر بخلافه. ا هـ. أي لم تثبت النجاسة يقينا بل يثبت الشك بالتعارض (قوله والأولى اعتماد التصحيح الأول) قال في النهر ولا يخفى أنها بقولهما أنسب إذ لا وجه للتغليظ مع ثبوت الاختلاف وما في البحر من أن رواية الكرخي ضعيفة وإن رجحت فمنعه ظاهر إذ لو اعتبر هذا المعنى لما ثبت تخفيف باختلاف أصلا وقول التخالف بعد إثبات ضعف دليله ورده مؤثر في التخفيف. ا هـ. ولا يخفى أنه وجيه كيف، وقد اعتبر الاختلاف في مذهب الغير وإن لم يقل به أحد من أئمتنا أصلا. (قوله: وفي الفتاوى الظهيرية إلخ) أقول: في القنية نصف النجاسة الخفيفة ونصف الغليظة يجمعان. ا هـ. وفي القهستاني تجمع النجاسة المتفرقة فتجعل الخفيفة غليظة إذا كانت نصفا أو أقل من الغليظة كما في المنية. ا هـ. أقول: والظاهر أن ما في الظهيرية فيما إذا اختلطا فترجح الغليظة ولو كانت أقل كما لو اختلطت بماء أو ما في القنية والقهستاني فيما إذا كان في موضعين ولم يبلغ كل منهما بانفراده القدر المانع فإذا بلغ نصف القدر المانع من الغليظة ونصفه من الخفيفة منع ترجيحا للغليظة وكذا إذا زادت الغليظة بخلاف ما إذا كانت الخفيفة أكثر هذا ما ظهر لي. (قوله: وفي المجمع إلى قوله وطهراه) أي أبو حنيفة ومحمد رحمهم الله (قوله: قدر رءوس الإبر) قيده العلامة الحلبي بما لا يدركه الطرف، ثم قال والتقييد به ذكره المعلى في النوادر عن أبي يوسف قال إذا انتضح من البول شيء يرى أثره لا بد من غسله وإن لم يغسل حتى صلى وهو بحال لو جمع كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة. ا هـ. قال وإذا صرح بعض الأئمة بقيد لم يرد عن غيره منهم تصريح بخلافه يجب أن يعتبر سيما والموضع احتياط ولا حرج في التحرز عن مثله بخلاف ما لا يرى كما في أثر رجل الذباب فإن في التحرز عنه حرجا ظاهرا، وكذا نقله القهستاني عن الكرماني لكن قال بعده وفي التمرتاشي إن استبان أثره على الثوب بأن تدركه العين أو على الماء بأن ينفرج أو يتحرك فلا عبرة به وعن الشيخين أنه معتبر. (قوله: لا يعتبر الجانبان) كذا في النسخ بالألف والصواب الجانبين بالياء كما هو في فتح القدير. (قوله: ما لم يظهر لون النجاسة أو يعلم أنه البول) قال في مختارات النوازل وإن كان الماء راكدا يفسده. ا هـ. فما ذكره هنا مقيد بالجاري لكن ذكر في المنية اختلافا في هذه المسألة ونقل التفصيل عن الخانية والتجنيس مطلقا عن أبي بكر بن الفضل وعكسه عن أبي الليث واختاره شارحها وعلله بأن الرشاش المتصاعد من صدم شيء للماء إنما هو أجزاء الماء لا من أجزاء الشيء الصادم فيحكم بالغالب ما لم يظهر خلافه وللقاعدة المطردة أن اليقين لا يزول بالشك. (قوله: وما ترشش إلى قوله نجسة) مبني على ما أطلقه محمد في الأصل من أن غسالة الميت نجسة قال في السراج والأصح أنه إذا لم يكن على بدنه نجاسة يصير الماء مستعملا، ولا يكون نجسا إلا أن محمدا إنما أطلق ذلك؛ لأن بدن الميت لا يخلو عن نجاسة غالبا، كذا في الفتاوى. ا هـ. (قوله وردغة) قال في القاموس محركة وتسكن الماء والطين والوحل الشديد. (قول المصنف يطهر بزوال عينه إلخ) ويطهر البدن بغسله والثوب بغسله ثلاثا بمياه طاهرة وعصره في كل مرة وكذا تطهيره في الإجانة والمياه الثلاثة نجسة وقيل في النجاسة المرئية يكفي زوالها بمرة، واعلم أن النجاسة المرئية على قسمين مرئية كالعذرة والدم وغير مرئية كالبول. فأما المرئية فطهارة محلها زوال عينها؛ لأن تنجس المحل باعتبار العين فيزول بزوالها ولو بمرة كما جزم به في الكنز واعتمده الزيلعي وقيل لا يطهر ما لم يغسله ثلاثا بعد زوال العين لأنه بعد زوال العين التحق بنجاسة غير مرئية غسلت مرة. ا هـ. قال في الخلاصة: إنه خلاف ظاهر الرواية وهذا هو الذي اعتمده المصنف كما تعطيه عبارته؛ لأنه حكى ما جزم به صاحب الكنز وغيره بصيغة قيل، وأما غير المرئية فطهارة محلها غسلها ثلاثا والعصر كل مرة والمعتبر فيه غلبة الظن، وإنما قدروه بالثلاث؛ لأن غلبة الظن تحصل عندها غالبا وفي شرح الدرر شرط المبالغة في المرة الثالثة بحيث لو عصره بقدر طاقته لا يسيل منه الماء ولو لم يبالغ فيه صيانة للثوب لا يطهر. ا هـ. ومثله في شرح المجمع ناقلا عن الخانية وقوله وكذا تطهيره في الإجانة يحتمل أن يكون الضمير في تطهيره راجعا إلى الثوب وهذا متفق عليه بين الإمامين ويحتمل أن يعود إلى المتنجس المفهوم من السياق الشامل للبدن والثوب أو للبدن، ويكون المصنف اعتمد في ذلك قول محمد والإمام معه كما في التقريب والبدائع خلافا للإمام الثاني فإنه يشترط الصب لطهارة العضو فلو غسل العضو في ثلاث إجانات بكسر الهمزة وتشديد الجيم جمع إجانة أي ظروف أو في إجانة واحدة بتجديد الماء لا يطهر عنده بخلاف الثوب لجريان العادة بغسل الثياب في الإجانات ولو لم يطهر لضاق على الناس. والعضو ليس كذلك فيشترط فيه الصب وألحقه محمد بالثوب فإذا غسل طهر العضو والثوب ويخرجان من الإجانة الثالثة طاهرين وما بعد ذلك طاهر وطهور في الثوب وطاهر غير طهور في العضو لعدم ملاقاة النجاسة وعدم التقرب في الثوب ولإقامة القربة في العضو من شرح الغزي على زاد الفقير لابن الهمام. (قوله: وقد يشكل على الحكم المذكور إلخ) أقول: الظاهر - والله تعالى أعلم - أن ما في التجنيس مبني على التفرقة بين ما ينعصر وبين ما لا ينعصر حيث لا يغتفر في الثاني بقاء الأثر وإن كان يشق كما سيأتي وعليه فلا إشكال (قوله: أفاد أن بقاء رائحتها فيه بقيام بعض أجزائها) هذا يفيد أن استثناء الأثر من العين في كلام المصنف استثناء متصل وعليه فلا حاجة إلى ما تكلفوا به تأمل. (قوله: وظاهر ما في فتح القدير إلخ) قال في النهر عبارة الخانية تؤذن بأن ما جزم به في فتح القدير بحث لقاضي خان وأن المذهب الأول. ا هـ. ولكن يبعده تعبير صاحب الفتح بقوله قالوا فليتأمل (قوله تنجس العسل إلخ) لم يذكر مقدار ما يصب عليه من الماء وظاهره عدم التقدير لكن في القهستاني ما نصه وجدت بخط بعض الثقات من أهل الإفتاء أن المنوين كافيان لعشرة أمناء؛ لأن في بعض الروايات قدرا من الماء وهذا كله عند الشيخين، وأما عنده فلا يطهر أبدا ا هـ. (قوله: والظاهر الأول إن لم يكن موسوسا إلخ) قال في النهر وهو توفيق حسن (قوله وهو أرفق) في قال التتارخانية وفي النوازل وعليه الفتوى (قوله: وأما حكم الغدير إلخ) عبارة السراج، وأما حكم الغدير فإن غمس الثوب فيه ثلاثا وقلنا بقول البلخيين وهو المختار، فقد روي عن أبي حفص الكبير أنه يطهر وإن لم يعصر وقال بعضهم يشترط العصر في كل مرة، وعن أبي نصر الصفار يكفيه العصر مرة واحدة. ا هـ. فأفاد أنه عند البلخيين يغمس ثلاثا وأن قولهم هو المختار لكنهم اختلفوا فيما بينهم في العصر على ثلاثة أقوال لا يشترط أصلا، يشترط في كل مرة، يشترط في مرة واحدة (قوله: وتعتبر قوة كل عاصر إلخ) قال في فتح القدير حتى إذا انقطع تقاطره بعصره، ثم قطر بعصر رجل آخر أقوى منه يحكم بطهارته. ا هـ. أي يحكم بطهارته بالنسبة إلى صاحبه ولا يطهر بالنسبة إلى الشخص الأقوى كما ذكره البرهان الحلبي قال: لأن كل أحد مكلف بقدرته ووسعه ولا يكلف أحد أن يطلب من هو أقوى منه ليعصر ثوبه عند غسله. (قوله: ولا يخفى إلخ) أقره على هذا البحث أخوه في النهر وكذلك الشيخ إسماعيل في شرح الدرر. (قوله: والخزف والآجر والخشب الجديد) أقول: لم يذكر هذه الثلاثة صاحب الفتح في هذا القسم بل ذكر الطرفين في القسم الأول الآتي مقيدين بكونهما جديدين كما سيذكره الشارح أيضا وذكر الوسط هنا مقيدا بالقديم وجعل حكمه كالخزفة القديمة فتأمل. (قوله: والسكين المموهة إلخ) قال في المنية ولو موه الحديد النجس بالماء النجس، ثم يموه بالماء الطاهر ثلاث مرات فيطهر قال البرهان الحلبي عند أبي يوسف خلافا لمحمد فإن عنده لا يطهر أبدا بناء على ما تقدم، وإنما تظهر ثمرة ذلك في الحمل في الصلاة، أما في حق الاستعمال وغيره فإنه لو غسل بعد التمويه بالنجس ثلاثا ولو ولاء، ثم قطع به بطيخ أو غيره لا يتنجس المقطوع، وكذا لو وقع في ماء قليل أو غيره لا ينجسه كما في الخضاب ونحوه على ما مر، أما لو صلى معه، فإن كان قبل التمويه ثلاثا بالطاهر لا تجوز صلاته بالاتفاق وإن كان بعده جاز عند أبي يوسف فالغسل يطهر ظاهره إجماعا والتمويه يطهر باطنه أيضا عند أبي يوسف وعليه الفتوى بل لو قيل يكفي التمويه مرة لكان له وجه؛ لأن النار تزيل أجزاء النجاسة بالكلية، ثم يخلفها الماء الطاهر ولكن التكرار يزيل الشبهة عن أصل. (قوله: ولو صب الخمر في قدر فيها لحم إلخ) قال الخير الرملي يفهم منه ومما تقدم واللحم وقع في مرقة نجسة إلخ أن الحكم مختلف بينما إذا طبخ بخمر وبينما إذا وقع في مرقة نجسة فتأمل ذلك (قوله: فالأول إذا أصاب شيئا يطهر بالغسل إلخ) قال الرملي الظاهر أن توجيهه أن الأول يخرج بغالب النجاسة فلا يغلب الظن بخروجها إلا بالثلاث وفي الثاني يغلب بالمثنى وفي الثالث بالواحد تأمل. ا هـ. وهكذا لا تطهر الإجانة الأولى إلا بالغسل ثلاثا والإجانة الثانية بمرتين والإجانة الثالثة بمرة، كذا في القنية برمز صلاة البقالي معبرا بالطست مكان الإجانة لكن فيها أيضا برمز شهاب الأئمة الإمامي غسل الثوب النجس في الطست فإنه يغسل الطست ثلاثا في كل مرة بعد عصر الثوب وفيها أيضا قال عبد الرحيم الختني ظاهر ما أشار إليه في الجامع أنه لا يحتاج إلى غسل الإجانة كالرشا والدلو في نزح البئر ا هـ. (قوله: لكن يرد عليه الحصى إلخ) لا يخفى عليك دفعه إذ قول السراج لا يسن الاستنجاء له لكونه لا يخرج معها شيء يزال فلم يدخل تحت ضابطه، ولو كان معها شيء فالاستنجاء للنجاسة لا لها فلا ورود على كل ولذا قال في النهر وقع في البحر هنا وهم فاجتنبه ا هـ. نعم يرد على تعريف المغرب. (قوله: وإن كان شيء إلخ) أي وإن كان شيء على المخرج وقوله فهو من باب إزالة النجاسة الحقيقية معنى ولهذا فلو قال وإن كان شيء فهي سنة لا فرض وحذف ما بينهما لكان صوابا. (قوله: فإنه اختار إلخ) لا يخفى عليك أنها حيث أفادت التكرار من جهة الاستعمال صح قوله في الفتح أنه ظاهر في المواظبة، وعدم استلزامها التكرار من جهة الوضع لا ينافي ذلك. (قوله: وفي الثاني خلاف إلخ) أي في قوله وليفيد إلخ ونص عبارة السراج وقيل أيضا إنما يجزئ فيه الحجر إذا كان الغائط رطبا لم يجف ولم يقم من موضعه، أما إذا قام من موضعه أو جف الغائط فلا يجزئه إلا الماء؛ لأن بقيامه قبل أن يستنجي بالحجر يزول الغائط عن موضعه ويتجاوز مخرجه وبجفافه لا يزيله الحجر فوجب الماء فيه ا هـ. (قوله: يدل على أن الماء مندوب) فيه نظر بل فيه إيماء إلى أنه مسنون وأنى يكون المتسحب أفضل من المسنون. ا هـ. أي لو كان الماء مندوبا كيف يكون أفضل من الحجر المسنون (قوله وكثيرا ما يفعله عوام المصلين) كذا في بعض النسخ وفي بعضها المصريين. (قوله: وهذا بعمومه إلخ) الإشارة إلى قوله؛ لأن ما على المخرج ساقط شرعا فإنه يتناول ما إذا كان أكثر من الدرهم وظاهره أنه متفق عليه؛ لأنه ذكر دليلا لعدم منع المتجاوز الذي فيه خلاف محمد، وشأن الدليل أن يكون مسلما عند الخصم لكن صرح في الخلاصة بأنه عند محمد لا يكفيه الحجر إذا كانت النجاسة على موضع الاستنجاء أكثر من الدرهم ونقل عن أبي يوسف روايتين وعن أبي حنيفة أنه يكفي وفي البدائع أنه لم يذكر في ظاهر الرواية واختلف المشايخ فيه قيل: لا يكفي فيه الحجر وقيل يكفي وبه أخذ أبو الليث وهو الصحيح ؛ لأن الشرع ورد بالاستنجاء بالأحجار مطلقا من غير فصل وفي الذخيرة والولوالجية أنه المختار. (قوله: من موضع الشرج) أي الحلقة. (قوله فالصواب أن يأخذ الذكر بشماله إلخ) قال الرملي: وأما الاستنجاء بالماء فلم أر من علمائنا من صرح بكيفية أخذه وصبه ورأيت في كتب الشافعية ويسن أن لا يستعين بيمينه في شيء من الاستنجاء بغير عذر فيأخذ الحجر بيساره بخلاف الماء فإنه يصبه بيمينه ويغسل بيساره ولا مانع منه عندنا فالظاهر أن مذهبنا كذلك هذا هو المعهود للناس فلعلهم إنما تركوه لظهوره. والله تعالى أعلم. ثم رأيت في الضياء المعنوي شرح مقدمة الغزنوي ويفيض الماء بيده اليمنى على فرجه ويعلي الإناء ويغسل فرجه بيده اليسرى إذا لم يكن عذر، فإن كان بيده اليسرى عذر يمنع من الاستنجاء بها جاز الاستنجاء باليمنى من غير كراهة ا هـ. فهو بحمد الله تعالى كما بحثته. (قوله: ويكره أن يدخل الخلاء إلخ) قال الرملي وإذا دخل الخلاء وله ممر طويل يقدم اليسار عند أول دخول للمر، ثم يتخير فيما بعد ذلك حتى في الجلوس على محل قضاء الحاجة؛ لأن الكل أجزاء المستقذر فلا يطلب تقديم خصوص اليسار في شيء منها وفي مسجدين متصلين متنافذين يقدم اليمنى عند دخول أولهما لا يراعي شيئا بعد ذلك حتى في الدخول من أحدهما للآخر؛ لأنهما شيء واحد، كذا رأيت في حاشية الشيخ عميرة والشيخ ابن قاسم على شرح المنهج الشافعي ولا شيء عندنا ينابذه.
|